الأربعاء، 30 سبتمبر 2015
3:44 م

معلومة تهمك - بطل فيلم الفتوة الحقيقي يعود بعد مقتله. وينتقم من فريد شوقي

فريد شوقى


غضب جمهور السينما في أسيوط علي الطريقة الصعيدية، فقاموا وكسروا محتويات دار العرض وخرجوا منتصرين.

الفتوة
كان ذلك أثناء عرض فيلم الفتوة، بطولة ملك الترسو فريد شوقي، وإحدى روائع المخرج صلاح أبو سيف، مشهد بداية الفيلم لهريدي الصعيدي الذي يضرب على قفاه عند دخوله سوق روض الفرج، وعلى عكس عادة فريد شوقي لم يرد، ولم يهجم علي عشرات الرجال ويطرحهم أرضاً ليرضي الجمهور، ولما استسلم هريدي لتحية روض الفرج، لم يستسلم الجمهور، ولم يرضَ بهذه الإهانة.
البطل الحقيقى لفيلم الفتوة


في هذا الوقت كان فريد شوقي، قرر إنشاء شركة إنتاج سينمائي جديدة وأطلق عليها العهد الجديد، تيمناً بما كان يحدث في مصر وقتها.
واستلهم أبو سيف من قصة حقيقية وقائع فيلمه الفتوة، قضية تاجر الفاكهة والخضار ذائع الصيت وقتها محمد زيدان، والذي لقب في أواخر الأربعينيات وأوائل الخمسينيات بملك الفاكهة، هذا الرجل الذي عاش حياة مليودرامية حتى وصل إلى علاقة وطيدة بالملك ورجال السراي ثم تحكم في سوق الخضار في مصر كلها.
ملك الفاكهة الذي عاش حياة صاخبة، مات أيضاً بطريقة صاخبة جداً، إذ تشير صحف ومجلات 1952 إلى حادثة قتل الحاج زيدان، كونها حدثاً كبيراً يهز سوق الخضار في مصر كلها آنذاك، فملك الفاكهة قتل داخل سيارته بـ 9 رصاصات، مما يؤكد أنها عملية تصفية جسدية للرجل المتحكم في أسعار الخضار في البلاد، وفي 10 آلاف بائع كما أوردت إحدى الصحف، وهذا يعني أن هناك معركة حامية بين التجار ورجال السياسية أيضاً.
تناولت الصحف سيرة المرحوم بوقار وجلل كما سيتضح، وهذا على عكس كل ما جاء بفتوة صلاح أبو سيف، الذي قال إنه تتبع قصة زيدان الحقيقية، وقرأ الكثير عنها، لكن أجزاء من القصة ظهرت بعد سقوط الملكية، وكشف جزء من علاقة ملك البلاد بملك الفاكهة.
مشاهد من فيلم الفتوة


تتبعت الصحف تفاصيل اليوم الأخير في حياة أخطر رجل مسؤول عن غذاء المصريين.
الحاج زيدان خرج من داره واستقل سيارته الخاصة وقابله شحاذ وأعطاه عطية وقال له: “ربنا يكفيك شر طريقك”، لكن هذا لم يحدث، وصل زيدان إلى سوق روض الفرج قلعته الحصينة، التي ما يسمع فيها صوت “كلاكس” سيارة الحاج زيدان، حتى يقف جميع الباعة والتجار ترحيباً بمروره اليومي في الذهاب والعودة كما قالت إحدى الصحف أيضاً.
في تمام الثالثة، توجه ملك الفاكهة إلى مزرعته الكبيرة في الجبل الأصفر، والتي استأجرها من وزارة الزراعة بـ 32 ألف جنيه، لزراعة البرتقال، وأثناء إشرافه اليومي، فوجئ برجاله يمكسون بطفل لأنه سرق عدداً من حبات البرتقال، فأمر رجاله بطرق الفتى، وأعاد له البرتقال ونصحه بعدم اللجوء للسرقة مرة أخرى.

أنهى زيدان صلاة العشاء مع رجاله، ثم أمر سائقه بملء مقطف من البرتقال ليأخذه معه إلى البيت، ووضع المقطف بجوار السائق، وركب هو في المقعد الخلفي وانطلقت السيارة عائدة إلى القاهرة.
وأثناء مرور السيارة بكوبري عزبة حافظ رمضان باشا في محافظة القليوبية شمال العاصمة، استوقف السيارة ثلاثة رجال، وطالبوا السائق بالتوقف لوجود حفرة كبيرة في الطريق، ولما أوقف السيارة، أخرج الرجال الثلاثة الأسلحة وانهالوا على السيارة بالرصاص، ثم انضمت إليهم مجموعة أخرى كانت مختبئة خلف الأشجار، ولم يتحركوا إلا بعدما تأكدوا أنه قتل.
“وهكذا عاد الشيخ محمد زيدان إلى داره جثة هامدة، ولم تنفعه دعوة المتسول: روح إلهي يكفيك شر طريقك”، كما وصفت إحدى الصحف.
تواصلت أخبار جريمة القتل الكبيرة، فحين وصلت جثة ملك الفاكهة، كان في استقباله قرابة ألفين من رجاله، الذين ظلوا واقفين طوال الليل وحتى الثالثة ظهراً، لتشييع جنازته، في حين رفض إخوته الـ 12 استقبال أي عزاء إلا بعد الثأر لعميد العائلة.

بدأت التحقيقات في مقتل ملك الفاكهة، وأُلقي القبض على سائقه الذي نجا من الموت بأعجوبة كما ذكر، فحامت حوله الشبهات، فكيف ينجو من وابل الرصاص الذي قتل زيدان، وقال ابن ملك الفاكهة إن السائق سيئ السمعة، وفي الغالب سهل عملية قتل أبيه، وباعه لخصومه.
لكن السائق، نفى واستمر في الدفاع عن نفسه وقال إنه لا يعرف لماذا لم تخرج حراسة المعلم زيدان معه في هذه الليلة على وجه الخصوص!
تتلاقى قصة حياة المعلم زيدان مع قصة فيلم الفتوة في كونه حضر من بلدته لا يملك إلا جلبابه، ثم تحوّل إلى ملك يدير دولة الخضار.
تقول الصحف مدافعة عن زيدان، إنه لم يترك الملايين كما يتوقع بعضهم، بل ترك 100 فدان و 100 ألف جنيه في البنوك، بإلاضافة إلى حصص في 26 منزلاً بشبرا وبولاق، بالإضافة إلى منزله في السكاكيني، وأنه كان مضطراً لشراء هذه الحصص من أصحابها ليفك الكرب عنهم، بالإضافة إلى كونه رجل للبر والإحسان يوزع على الفقراء 1000 رغيف يومياً، بالإضافة إلى بناء مسجد بروض الفرج بعدما تلكأت الحكومة في بنائه!



بعد يوليو 1952 خرجت بعض الأقاويل تفيد أن ذوي السلطة شاركوا في التخلص من زيدان بعدما تفشى طغيانه، وبدأت سيرة البر والإحسان في التحول إلى الطغيان والفساد، وفي عام 1957 خرج فيلم الفتوة للنور، ولمّحت الصحف إلى تشابه وقائعه بقصة حياة زيدان ملك الفاكهة.
وكان واضحاً أن عائلة زيدان كانت لها سطوة كبيرة حتى بعد حركة يوليو، فذهب عدد من أنصاره إلى سينما الكورسال حيث كان يعرض الفيلم وافتعلوا المشكلات، وتم إغلاق سينما الكورسال بسبب دعوة مستعجلة، ثم توقف عرض الفيلم، وبالفعل سحب الفتوة من السوق، وهنا يصرخ فريد شوقي في مذكراته ويقول إن الفيلم الذي توقعت له نجاحاً كبيراً وصرفت عليه 27 ألف جنيه، سيتحول إلى خسارة كبيرة لي، خاصة وأن محامي زيدان صرح في الصحف أن الفيلم يعد تشويهاً لرجل توفي ولأولاده الذين يدرسون في الجامعة!
وفي يوم نظر القضية في المحكمة، شعر فريد شوقي أن محامي عائلة زيدان رجل قانون قوي بينما محاميه شاب ضعيف، فلم يجد غضاضة في الترافع بنفسه أمام القاضي وقال له: “إذا كان فيلمي يتعمد تشويه الحاج زيدان، فأنا أوافق على مصادرته بشرط أن يتم التحقق من ثروة عائلة زيدان التي جمعها عن طريق السراي والسوق السوداء، لكن في الحقيقة إن فيلمي من نسج خيالي”.
حكم القاضي برفض دعوة عائلة ملك الفاكهة، وتم عرض فيلم الفتوة.

المصدر / موقع كسرة



0 التعليقات :

إرسال تعليق